شخصيات نافذة من الإدارة المحلية والبنوك جرجرت إلى المحاكم بتهمة “التواطؤ”
لا يزال لغز الثراء الفاحش لإمبراطور العقار وتاجر السيارات الكبير المدعو “الحاج زيدان” بعنابة، في خانة الأسرار المكتومة، خاصة أن التحقيقات الأمنية لم تكشف بعد الطريقة التي مكنته من ولوج عالم “البزنسة” ليتحول إلى واحد من بارونات العقار وكبار تجار السيارات بولايات الشرق، في وقت تعرف عليه عامة الناس كإمام خطيب في مسجد الإمام مسلم بلدية البوني في عنابة قبل أن ينسج علاقات وثيقة مع شخصيات نافذة ويتزعم نشاط شبكة للاحتيال على المواطنين واللواذ بالفرار خارج التراب الوطني تاركا ضحاياه غارقين في متاهات لا مخرج منها لاسترجاع أموالهم.
وقد أحيت هذه الأيام قضية سوق “الريح” التي يسوّق فيها “الوعد الصادق” بمدينة سور الغزلان في البويرة سيارات لماركات عالمية من كلّ الأشكال والأنواع والأصناف، بأسعار متدنية تقل بكثير عن أثمانها الحقيقية، ملف “الحاج زيدان” بولاية عنابة الذي تفجّر سنة 2005 بفراره برا نحو ليبيا عبر مركز حدودي مع تونس بعد فتح تحقيقات أمنية في نشاط هذا الموظف البسيط الذي اشتغل كإمام خطيب ثم تحول في وقت قياسي إلى “امبراطور” دون أن يثير اهتمام السلطات إلى غاية تلقيها شكاوى من مئات المواطنين تعرضوا إلى عمليات نصب واحتيال منظمة.
صلوات... وتعاملات
ويروي بعض الضحايا من خلال سلسلة التحقيقات الأمنية التي قادتها مصالح الضبطية القضائية ببلدية البوني سنة 2005، أنهم دخلوا فعلا في معاملات تجارية مع “الإمام” من خلال لقاءات تعارف جمعتهم به خلال تأديتهم الصلاة في مسجد الإمام مسلم بالبوني لتتطور بعدها إلى تعاملات ثقة من خلال لجوئه للسلفيات يقول البعضإأنها كانت على أساس ربوي أي يقدم بعدها الحاج زيدان على إرجاع المبالغ المالية مع نسية فائدة أضحت مع مرور الوقت “خيالية” بعد دخوله في تعاملات كبيرة لصفقات شراء وبيع السيارات وحتى قطع أرضية وعقارات من خلال الاعتماد على شبكة من الشخصيات النافذة في الإدارة المحلية والمؤسسات المصرفية ومختلف الأسلاك التي احتك بها المعني تحت غطاء “الإمامة” ثم دخوله كشريك مع البعض منهم في عدة صفقات. واستنادا إلى نفس المصادر، فإن زيدان كان يتعامل في بداية نشاطه بشراء السيارات التي تعرضت لحوادث مرور ثم يعيد بيعها في سوق السيارات بحضيرة المركب الرياضي 19 ماي 56 إلى أن أصبح واحدا من محتكري إعادة تسويق “السيارات المضروبة”. ولأن سوق السيارات كان أسبوعيا في عنابة وأضحى محجا للباعة والمشترين من كل حدب وصوب بولايات الشرق فقد توسعت شبكة معارف “الحاج زيدان” وتمددت نشاطاته إلى سوق العقار من خلال جملة من “عمليات مقايضة” تورط فيها حتى موثقون قبل أن تبرئهم العدالة مؤخرا.
ثروة هائلة في رمشة عين
كما استمعت مصالح الدرك الوطني إلى متهمين وضحايا حول مصدر الثروة الهائلة، التي استطاع أن يجمعها الإمام في فترة لا تتعدى الـ10 سنوات، إضافة إلى تحريها في الطريقة التي مكنته من ولوج عالم الاستثمار في العقار والسيارات، والكيفية التي حصل بها على صفقات بالملايير من الوكالة العقارية لما بين البلديات.
ولا تزال مصالح الأمن تحقق إلى اليوم في نشاط تسويق عشرات المركبات النفعية التي كان يشتريها بنصف سعرها الحقيقي لتأخذ بعدها طريقها إلى الولايات الحدودية والصحراوية دون أن تثير حينها انتباه السلطات. ووردت قبل مدة معلومات إلى مصالح البحث والتحري، حسب نفس المصادر، تفيد بوجود خروقات وتسهيلات كان يتلقاها المعني من شخصيات نافذة بهدف تمكينه من ولوج عالم المال والأعمال، وهو ما حصل عليه فعلا. ودأبت محكمة عنابة منذ تفجير القضية على معالجة عدة قضايا تطرح على أجزاء حسب نشاطها آخرها صدور حكم بعشرين سنة سجنا غيابيا بتهمة جناية المشاركة في التزوير في محررات عمومية وجنحة المشاركة في تبديد أموال عمومية وجنحة النصب والاحتيال والتزوير واستعمال المزور وكذلك جنحة الحصول على وثائق إدارية بإقرارات كاذبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق